أخنوش: المنظومة الصحية تشهد تراكمات واختلالات
تناول التدابير الحكومية لإصلاح القطاع

قال رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، إن الحكومة واعية بحجم التحديات وتدرك الصعوبات العديدة التي يمكنها مواجهتها في المسار الإصلاحي الخاص بالمنظومة الصحية وأيضا حجم التراكمات والاختلالات التي يشهدها القطاع، لكنها عازمة على إحداث إصلاح جوهري متسلحة بإرادة سياسية حازمة هدفها تفعيل الرؤية الملكية وتحقيق آمال المواطنين.
وأفاد أخنوش، اليوم الاثنين، في جلسة الأسئلة الشهرية لمجلس النواب، حول موضوع”معيقات ورهانات المنظومة الصحية في المغرب”، أن ترسيخ صرح الدولة الاجتماعية أساس تعاقد الحكومة مع المواطنين من خلال برامج، فضلا عن الرفع من الميزانيات الموجهة للقطاعات الاجتماعية، علما أنها تواصل جهودها بإطلاق الإصلاحات والأوراش كي لا تخلف الموعد مع المواطنين ممن منحوها ثقتهم.
واعتبر أخنوش أن الحكومة جعلت من الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية من أولوياتها بالنظر للبعد التنموي الذي تكتسيه، مما يفرض إصلاحا عميقا للمنظومة الصحية وتقديم خدمة تستجيب للانتظارات، عن طريق تعميم التأمين الصحي مما سيولد زيادة في الطلب على الخدمة الصحية.
وقال رئيس الحكومة إن إصلاح الصحة شرط أساسي لإنجاح تعميم التغطية الصحية، وهو ما يتمثل من خلال إخراج 22 مرسوم تطبيقي وفتح المجال أمام 11 مليون من العمال ونصف ليون حرفي و 800 ألف من الصناع والتجار التقليديين و140 ألف من سائقي سيارات الأجرة و230 ألف من السائقين المهنيين، فضلا عن الأطباء والصيادلة والمتخصصين في التغذية والمرشدين السياحيين والعدول وغيره.
وسجل أخنوش قيام الحكومة بعدد من التدابير للنهوض بالقطاع، تشمل تأهيل بنيات الاستقبال لإدماجهم في التغطية الصحية بإنشاء وكالات جديدة و 8 آلاف مكتب للقرب وتنظيم أكثر من 800 لقاء للتعريف بالتأمين الإجباري على المرض، في سياق العمل على بلورة رؤية إصلاحية هيكلية لتجاوز مظاهر الاختلالات انطلاقا من رؤية تنطلق من البرنامج الحكومي وتستمد مقوماتها من تعهدات والتزامات الأحزاب المشكلة للأغلبية.
وأضاف أخنوش:”اشتغلنا على إعداد تصور جديد ومتكامل يجعل تحسين العرض الطبي في صلب الإصلاح وتستند مكونات البرنامج على 3 مرتكزات، تشمل اعتماد حكامة جيدة وتثمين الموارد البشرية وتدعيم البنيات الأساسية. فسياسة الدولة تجعل من مقوماتها تحقيق الكرامة والإنصاف والقضاء على برامج التهميش، خاصة أن الإصلاح الحقيقي لا يقتصر على الجزئيات المتعلقة بالإمكانات البشرية والمادية بل تجاوز الاختلالات العميقة على مستوى الحكامة المؤسساتية والتدبيرية”.
وزاد مبينا:”نعمل على سن قواعد جديدة لتحسين العرض الصحي، وتحقيقا للغرض، أعدت الحكومة مشاريع قوانين تتعلق بالمجموعات الصحية الجهوية التي تضم بنيات صحية ومراكز للقرب ومستشفيات جامعية لتوجيه المريض حسب احتياجاته، وترشيد الوارد البشرية والتقنية، في إطار مؤسسات عمومية سيتم تمكينها من صلاحيات واسعة في إطار عقد نجاعة من القطاع الوصي مما سيضمن استغلالا أمثل للموارد البشرية والمالية في انسجام مع منهج الجهوية المتقدمة بما يحقق العدالة المجالية في تراب المملكة”.
وذكر أخنوش أن الحكومة تعمل أيضا على إحداث خريطة جهوية مما سيساعد المجموعات الصحية الترابية على مستوى كل جهة على تعزيز العرض الصحي وتقليص الفوارق المجالية، وتوضيح المسار الطبي للمريض وضمان سلاسل التدخلات العلاجية.
وقال المسؤول الحكومي إنه من غير المقبول أن تعرف المنظومة الصحية اكتظاظا على مستوى المستعجلات والافتقاد لأبسط شروط استقبال المرتفقين، لافتا إلى أن عمل الحكومة يشمل تفعيل طبيب الأسرة الذي توكل له مهمة تتبع وتوجيه المرضى نحو البنيات القادرة على توفير العلاج، إلى جانب إحداث هيئة للصحة لتقنين التغطية الصحية الإجبارية على المرض، والعمل على إعداد مراجع تكوينية، وضمان الاستمراراية الحقيقية لسياسات الصحية وملاءمة السياسة الصحية مع التوجهات العامة للتغطية الصحية الشاملة.
وقال أخنوش:”نطمح لإحداث وكالة وطنية للأدوية تعمل على تنسيق السياسية الصيدلانية الوطنية والمشاركة في تنفيذها خدمة لقطاع الصحة العمومية، وتمكين المواطنين من الحصول على الأدوية بأثمنة مناسبة لتحقيق سيادة دوائية فعلية”.
وبالنسبة للإشكالات المتعلقة بمراكز تحاقن الدم، أعلن أخنوش عن إحداث وكالة مغربية للدم لضمان تحقيق الاكتفاء الداتي، لإسعاف حياة المواطنين لتبقى الخدمة عمومية تقدمها المؤسسات التابعة لوزارة الصحة، وستتولى الوكالة مهمة إعداد الاستراتيجية الوطنية لتوفير الدم ومشتقاته وتطوير الأنشطة العلاجية والسهر على تطبيق القواعد المتعلقة باليقظة عند جمع الدم من طرف المتبرعين.
واعتبر رئيس الحكومة أن إصلاح الصحة يحتاج لمساهمة من القطاع الخاص بما يضمن تلبية الاحتياجات الصحية للمواطنين.
وعلى مستوى تأهيل الموارد البشرية، كشف المسؤول الحكومي عن تشجيع استقطاب الأطباء الأجانب وتشجيع الاستثمار في المناطق والجهات التي تشهد ضعفا في المجال الصحي.
وأضاف أخنوش:”في سياق تنامي هجرة الأطباء المغاربة، ما بين 30 إلى 40 في المائة، في ظل عدم تكافؤ التوزيع الترابي للأطر إلى جانب عوامل أخرى، مما يؤدي لانخفاض أعداد الأطباء، كلها أمور تساهم في تفاقم وضعية تستوجب إيلاء مختلف الأطر ما تستحقه من اهتمام لمواكبة التطور العلمي في مجال العلاج والوقاية لتجاوز النقص المزمن في عدد من التخصصات مع مراعاة العدالة المجالية، وتوفير الظروف المناسبة لعملها”.
وبهدف رد الاعتبار للعاملين في المجال الصحي لكونهم يشكلون مدخلا أساسيا لإصلاح القطاع، أفاد أخنوش بمراجعة عميقة للقانون المحدد للمنظومة الصحية منها مشروع قانون الضمانات الأساسية للموارد البشرية الذي يعتبر ابتكارا حكوميا جديدا يأخذ بعين الاعتبار المهن الصحية وتقوية الحماية القانونية للموظف واعتماد نظام تحفيزات إضافية مرتبطة بالمردودية.
وقال رئيس الحكومة:”سنحرص على اعتماد مقاربة تشاركية واسعة قبل إخراج القانون انسجاما مع منهج الإنصات والتشاور، ولتدارك نقص الموارد، وضعنا مخططا للرفع من عدد الطلبة في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان في المغرب، بنسبة 20 في المائة ومضاعفتها تدريجيا في آخر الولاية الحكومية، ستمكن من بلوغ الأهداف الرقمية للنموذج الرقمي الجديد أي 25 إطار لألف نسمة”.
واعتبر أخنوش أن الولوج للتطبيب تحد حقيقي للمواطنين، مما يفرض تشييد مركز استشفائي جديد في كل جهة، والرفع من مستوى أداء البنيات التحتية العلاجية بتأهيل 1400 مركز صحي للقرب في غضون 18 يوليو المقبل، مع إحداث نظام البطاقة الصحية الرقمية مما يتيح للمراكز الصحية نظاما معلوماتيا لتبسيط المساطر وتأطير المسار العلاجي للمرضى، وتطوير خدمة الطب عن بعد بالنسبة للأقاليم في وضعية عزلة صحية.