وهبي يستعرض التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان

قدم عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، اليوم الثلاثاء، بلجنة العدل والتشريع، خصوصيات مشروع التقرير الوطني برسم الجولة الرابعة من آلية الاستعراض الدوري الشامل.

وأشار وهبي إلى الدور الذي لعبته البلاد في الدفع بإحداث هذه الآلية سنة 2006 في سياق الإصلاح العميق الذي عرفته المنظومة الأممية لحقوق الإنسان، والذي كان من ثماره إحداث مجلس حقوق الإنسان الذي حل محل لجنة حقوق الإنسان، مؤكداً على خصوصيات هذه الآلية وطابعها التعاوني بين الدول، والذي تتفرد به عن باقي الآليات الأممية لحقوق الإنسان.

وأفاد وهبي أن تقرير آلية الاستعراض الدوري الشامل، سيتم التفاعل معها خلال شهر نونبر من هذه السنة، من خلال حوار تفاعلي بين وفد المملكة والدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، وستساهم جمعيات المجتمع المدني الوطنية والدولية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان في هذا الحوار من خلال التقارير التي تقدمها والملاحظات والتوصيات التي ستبديها خلال هذا الحوار.

وقال وهبي:”عرف تفاعل بلادنا مع آلية الاستعراض الدوري الشامل تطورا ملحوظا يترجمه الاهتمام والمكانة التي يحظى بهما من طرف كافة الفاعلين، فالبرلمان المغربي دأب على فتح النقاش حول هذه الآلية ودورها في الارتقاء بحقوق الإنسان، سواء بتنظيمه لقاءات بخصوصها، والتي كان آخرها اليوم الدراسي المنظم من طرف مجلس المستشارين بتاريخ 11 دجنبر 2019، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان حول “دور البرلمان في تعزيز آلية الاستعراض الدوري الشامل”، أو بمشاركته في التظاهرات الدولية المرتبطة بهذا الموضوع”.

وزاد مبينا:”عرف تفاعل المملكة المغربية مع هذه الآلية تطورا هاما، يعكس الاهتمام البالغ للدول بمسار بلادنا وتجربتها في مجال حقوق الإنسان، كما يسائل كافة الفاعلين حول أدوارهم في النهوض بحقوق الإنسان، خاصة من خلال الحرص على المساهمة في إعمال توصيات آلية الاستعراض الدوري الشامل”.

وأوضح وزير العدل، أنه فبرسم الجولة الأولى لهذه الآلية سنة 2008، تلقت المملكة 11 توصية فقط تم قبولها بالكامل. أما خلال الجولة الثانية منها سنة 2012، فقد وجهت لها 148 توصية، تم قبول 140 توصية منها، في حين أخذت المملكة علما ب 7 توصيات، وعبرت عن رفضها القطعي لتوصية واحدة باعتبارها لا تدخل في نطاق ولاية مجلس حقوق الإنسان.

وأضاف المسؤول الحكومي:”وبرسم الجولة الثالثة التي جرت سنة 2017، تلقت بلادنا 244 توصية، حظيت من بينها 191 بالتأييد التام، في حين أخذت بلادنا علما ب 44 توصية، منها 18 توصية تم رفضها جزئيا و26 توصية رفضت كليا، وذلك لتعارضها مع الثوابت الجامعة التي كرسها دستور المملكة وممارستها الاتفاقية.  كما أبدت بلادنا عدم قبولها ل 9 توصيات، وذلك لعدم اندراجها ضمن اختصاصات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”.

وسجل وهبي أن إعداد مشروع التقرير الوطني برسم الجولة الرابعة من آلية الاستعراض الدوري الشامل تم وفق مقاربة وطنية، جرى اعتمادها انسجاما مع المبادئ الأممية التوجيهية الخاصة بإعداد التقارير للآليات الأممية لحقوق الإنسان. وهي مقاربة تعتمد الإشراك الواسع للفاعلين المؤسساتيين مركزيا وجهويا، والانفتاح والتشاور مع جمعيات المجتمع المدني، من خلال عرض ومناقشة مشروع التقرير على نطاق جهوي واسع.

وقال وهبي إن عملية  تلخيص محطات الإعداد تمت بناء على 4 مراحل، حيث شملت المرحلة الأولى إطلاق مسار إعداد التقرير وتعبئة الفاعلين المؤسساتيتين وتجميع المعلومات الأساسية. وقد تمت هذه المرحلة خلال الفترة ما بين يوليوز 2021 ومارس 2022، وشملت التنسيق مع القطاعات الحكومية والمؤسسات الأمنية والسلطة القضائية والمؤسسات الوطنية والبرلمان ومجالس الجهات، مما مكن من إعداد المشروع الأولي للتقرير الوطني.

وزاد مبينا:”وتهم المرحلة الثانية تنظيم المشاورات مع المجتمع المدني بخصوص إعمال توصيات آلية الاستعراض الدوري الشامل. وقدتمت هذه المرحلة خلال الفترة ما بين مارس ويونيو 2022، حيث تم تقديم المشروع الأولي للتقرير ومناقشة مضمونه بالجهات ال 12 للمملكة، مع التمثيليات الجهوية للقطاعات الحكومية، والمؤسسات الأمنية، والقضاء، وجمعيات المجتمع المدني، ومجالس الجهات، والجامعة، والإعلام، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان. وتناولت هذه اللقاءات البعد الجهوي لإعمال توصيات الاستعراض الدوري الشامل والتحديات المرتبطة بهذا الإعمال، وأدوار الفاعلين، فيما يتم خلال المرحلة الثالثة عرض ومناقشة مشروع التقرير الوطني مع البرلمان، وهي موضوع لقائنا اليوم، إذ ستمكن خلاصاته واستنتاجاته من تجويد مشروع التقرير، كما ستمكن من تعبئة البرلمان للانخراط في المحطات المقبلة لهذا الاستحقاق الهام، أما المرحلة الرابعة، فيتم خلالها اعتماد الصيغة النهائية للتقرير الوطني، أخذا بعين الاعتبار نتائج ومخرجات كافة المحطات التشاورية المذكورة سلفا، وإحالته على مجلس حقوق الإنسان قبل متم يوليوز 2022″.

واعتبر وهبي أن تفاعل المغرب مع آلية الاستعراض الدوري الشامل في جولتها الرابعة يتزامن مع استحقاق دولي هام، يتعلق بإعداد التقرير الدوري الثاني المتعلق بإعمال الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، الذي سيحال على اللجنة الأممية المعنية في أكتوبر المقبل.

ولفت الوزير إلى أن المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، قد باشرت، منذ دجنبر 2019، الترتيبات المتعلقة بإعداد هذا التقرير.

وقال وهبي:”قبل تقديم عناصره الرئيسية، لا بد من التذكير ببعض المعطيات الأساسية المتعلقة به. فبلادنا صادقت على هذه الاتفاقية بتاريخ 21 يونيو 1993، وهي الاتفاقية الأقل حظوة بالمصادقة من طرف الدول، إذ لم ينضم إليها سوى 57 بلدا إلى اليوم (لا توجد من بينها أية دولة من أوربا الغربية أو من الدول الصناعية السبع)، ووقعت عليها 39 دولة”.

وأشار وهبي إلى أن مقتضيات هذه الاتفاقية تشمل جميع العمال المهاجرين وافراد أسرهم، سواء كانوا في وضع نظامي او غير نظامي، وتهم في الآن نفسه العمال المهاجرين الأجانب الموجودين فوق التراب الوطني والمغاربة العاملين بالخارج. وتضع تعريفات مدققة للفئات والوضعيات المرتبطة بهم، كما تحدد بعض الفئات المستثناة من أحكامها كموظفي المنظمات والوكالات الدولية والطلاب والمتدربون، وتضم الاتفاقية جزءا يهم تعزيز الظروف السليمة والعادلة للهجرة الدولية للعمال وأفراد أسرهم، وهو من خصوصيات موضوع حماية حقوق المهاجرين، التي لا يمكن الارتقاء بها دون توحيد الجهود والتعاون بين الدول في الإطارين الثنائي والمتعدد الأطراف، لارتباط الهجرة بتحديات ذات بعد دولي كالإرهاب والاتجار بالبشر والجريمة العابرة للحدود وغيرها من الإشكالات.

وقال وزير العدل إن إعداد المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان المشروع الأولي لهذا التقرير تم وفق المسطرة الجديدة المسماة “المسطرة المبسطة” التي أصبح معمولا بها من طرف أغلب لجان المعاهدات، وذلك من خلال تقديم الأجوبة على قائمة من الأسئلة، وجهتها اللجنة المعنية بحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم للبلاد في أبريل 2021، حول تنفيذ مقتضيات الاتفاقية.

ويتناول جزء من التقرير وضعية إعمال حقوق العمال لجميع العمال المهاجرين، سواء كانوا في وضع نظامي أو غير نظامي، والتي تهم بالأساس وضعية تنفيذ القانون المتعلق بالعمال المنزليين وتطبيقه على أرض الواقع ، لحماية العمال لمهاجرين من الاستغلال، والمعلومات عن الجرائم المتعلقة بالهجرة في القانون الوطني، وضمانات الإجراءات القانونية المتعلقة بالهجرة، والتدابير المتخذة لمكافحة سوء معاملة واستغلال العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وتدابير إدارة الحدود، والمعطيات الإحصائية عن العمال المهاجرين وأسرهم الغير حائزين على الوثائق أو الذين هم في وضع غير نظامي، وسياسة سفارات المملكة المغربية وقنصلياتها وملحقيها المكلفين بقضايا العمالة فيما يخص مساعدة وحماية المغاربة العاملين في الخارج، بمن فيهم من هم في وضع غير نظامي، والوصول إلى حماية ومساعدة السلطات القنصلية أو الدبلوماسية، ولا سيما في حالات سوء المعاملة أو الاعتقال أو الاحتجاز أو الإبعاد، إضافة إلى معلومات عن مدونة الشغل فيما يخص المساواة في الأجور وظروف العمل بين العمال المواطنين والأجانب، و شروط الحصول على الرعاية الصحية للعمال المهاجرين، بمن فيهم من هم في وضع غير نظامي، ونوع الرعاية المقدمة، والتدابير المتخذة لحماية المحتجزين المهاجرين أثناء جائحة كوفيد-19، والتدابير المتخذة لضمان حصول أطفال العمال المهاجرين على التعليم بشكل كامل وتسجيلهم في المدارس.

أما في قسميه الثاني والثالث، فيقدم التقرير معلومات عن حماية العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، ولا سيما فيما يتعلق بالقوانين والمؤسسات واختصاصاتها، والسياسات والبرامج وخطط العمل المتعلقة بقضايا الهجرة، والتصديقات الأخيرة على اتفاقيات حقوق الإنسان وغيرها من الصكوك ذات الصلة والدراسات الحديثة بشأن أوضاع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، فضلا عن معطيات حول البيانات والتقديرات الرسمية والإحصاءات والمعلومات المتوفرة، والتي تهم حجم وطبيعة تدفقات الهجرة من المملكة المغربية وإليها، بما فيها تلك المتعلقة بكوفيد 19 وبحجم التحويلات المالية للمغاربة العاملين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى