بنعبد الله: الحكومة مطالبة بمواجهة الأزمة وتحمل أعباء الظرفية الصعبة

عد تجربة الائتلاف التي جمعت حزبه ب"العدالة والتنمية" رائدة إقليميا

جدد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، دعوته للحكومة بواجهة الأزمة، وليس تبريرها، وتحمل أعباء الظرفية الصعبة، وليس فقط إبراز القدرة على ابتكار الحلول وإجراء الإصلاحات الضرورية.

وقال بنعبد الله، مساء الجمعة، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني ال11 لحزب التقدم والاشتراكية، في بوزنيقة، “فغلاءُ الأسعار، الذي يكتوي بنيرانه المستضعفون والفئاتُ الوسطى، لا يمكن أن تتركوه هكذا، من دون إجراءاتٍ قوية، حتى يأتيَ على الأخضر واليابس. كما أنَّ الأمنَ الغذائي والطاقي والصحي لا يُمْــــكِـــنُ لكم تأجيل معالجته في انتظار انتهاء الأزمة الحالية التي قد لا تنتهي، أو قد تتلوها أزماتٌ أخرى أكثر قسوة”.

وزاد مبينا:”لكن سنة مرت، ولا جديد تحت الشمس، غير تدابير عادية في زمنٍ استثنائي بكل المقاييس. تدابير لا ترقى إلى حماية القدرة الشرائية للمغاربة الذين يئنون تحت وطأة الغلاء. كما لا ترقى إلى الرُّقِـــــيِّ بالنسيج الاقتصادي الوطني وتحصينه ضد الصدمات. نعلمُ أنَّ الحكومة تتحجج بأنَّ الميزانية ستتأثر سلباً، بل قد يتم إغراقُها، بنفقاتٍ إضافية في ظل مواردَ غيـــــرِ كافية. ولن نُجيبَ هنا بكون الحكومة كان لها الحظُّ في تَحَسُّن أداء قطاعاتٍ بعينها، كالمداخيل الضريبية، وعائدات مغاربة العالم، والقطاع السياحي الذي يتعافى، فضلاً عن تحسن الأداء المرتبط بالفوسفاط. ولكننا سنُجيبُ الحكومة بأنَّ لديها مصدراً أكيداً لتمويل كل البرامج الاجتماعية، بما فيها ورشُ الحماية الاجتماعية، وإصلاحُ الصحة والتعليم، ودعمُ الأسر ماديا”.

ودعا بنعبد الله الحكومة لتملك الجرأة السياسية للتوجه رأساً إلى حيثُ يوجد المال: أولاً الشركات الكبرى التي تُراكِمُ أرباحًا مهولة من وراء الأزمة وبسببها، ومنها شركاتُ المحروقات والاتصالات وغيرها.، فضلا عن مساهمتها في التضامن الوطني، ومباشرة الإصلاح الضريبي، وإيجاد السبيل لتغيير وِجهة الملايير من خزائن المتملصين والمتهربين من الضريبة نحو خزينة الدولة، وهذا لا يُكلف سوى الإرادة السياسية.

من جهة أخرى، اعتبر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أن بلدان الجنوب عموما، والقارة الإفريقية، تظل المتضرر الأكبر من الأوضاع الحالية، بالنظر إلى كـوْنها ضحيةَ الاستعمارِ والاستغلال معاً. وهو ما يستلزم من البلدان الغنية، المسؤولة تاريخياًّ عن مآسي إفريقيا، أن تُغيِّر مُقارباتها إزاء القارة الإفريقية.

وشدد بنعبد الله على ضرورة تقوية التعاون العربي المُستعصي على أرض الواقع، بسبب التشتت والنزاعات والحروب الداخلية، أساساً بفعل ما تتعرضُ له المنطقةُ العربيةُ من تدخلاتٍ أجنبيةٍ مرفوضة، ومن تمزيقٍ لنسيجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحضاري، من قِبَل القوى الأمبريالية والكيان الصهيوني.

وسجل بنعبد الله مواصلة النضال من أجل تثبيت سيادة المغرب الوطنية على كافة ترابه، سواءٌ من خلال الجُــهد الدبلوماسي، أو من حيث المجهود التنموي الهائل بالأقاليم الجنوبية.

وأشار القيادي الحزبي إلى ما شهدته قضيةُ الوحدة الترابية من تطورات إيجابية، منها الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء، والتَّـــحَوُّلِ الإيجابي لموقف إسبانيا، وتزايُدِ عدد البلدان الداعمة لموقف المغرب، مما يؤكد مدى جدية ومصداقية مقترح الحكم الذاتي المغربي للطي النهائي لهذا النزاع المفتعل الذي تتحمل الجزائرُ مسؤوليةً مُباشِرةً فيه، في معاكَسةٍ مُحَـــيِّــــرة لطموحاتِ شعوب المغرب الكبير وتطلعها نحو الوحدة والتكامل والازدهار المشترك، إلى جانب إصرار حكامها على التعنت واتخاذِ مواقفَ متهورة ومُتجاوَزَة وغير واقعية، بهدف عرقلة التوصل إلى حل سياسي.

وأكد بنعبد الله أن حزبه صمد طويلا قبل أن يؤدي الثمن عن تلك التجربة التي غادرها في 2019، بقرارٍ حر ومستقل وجريء، حينما لم يعد لوجوده في الحكومة آنذاك أيُّ مبرر، وحينما خَـــفَـــتَ في الصيغة الثانية من هذه التجربة ذلك النَّــفَسُ الإصلاحيُّ المطلوب للمُضيِّ قُدُماً في بلورة المشروع الديموقراطي.

وقال القيادي الحزبي:”مهما يكن من أمر، فإنَّ تجربة الائتلاف الموضوعي، وليس على أساسٍ إيديولوجي أو فكري أو مرجعي، التي جمعت حزبَـــنا مع حزب العدالة والتنمية على مدى سنواتٍ، تكاد تكونُ متفردةً ورائدةً في محيطنا الإقليمي والدولي، حيث استأثرت باهتمامٍ بالغٍ، من خلال ما جَسَّدَتهُ من تقاربٍ مرحلي وبرنامجي بين حزبٍ يساري أصيل وآخر ذي مرجعية إسلامية. وقد أسهم حزبُنا بذلك في ترسيخ إدماج هذا التيار في الحياة السياسية والمؤسساتية الوطنية، بشكلٍ سَلِسٍ وبَنَّاء، بغض النظر عن التَّــــبَايُنِ الحاصل في تقييم مدى قدرة هذا التيار السياسي الوطني على تدبيرِ الواقعِ المعقد”.

وأضاف بنعبد الله:” غـــادَرْنَـا الحكومةَ في أكتوبر 2019، حيثُ شَكَّـــلَ ذلك حينــــها حدثًا سياسيا خَلَّفَ صدىً إيجابيا. واصطففنا في المعارضة التي أعطاها حزبُنا زخماً وحيوية. ونَسَجْنَا تدريجيا علاقاتٍ من أجل بروز معارضةٍ قوية جمعتنا أساساً مع حليفٍ تاريخي هو حزبُ الاستقلال، وكذا مع حزب الأصالة والمعاصرة في حُـــلَّــتهِ الجديدة بعد المراجعات التي قام بها. حتى بدأت تظهر بوادرُ أفُــقٍ لتكتل سياسي بديل، والسير نحو تناوبٍ ديمقراطي جديد. لكن لم تتحقق شروط تشكيل مثل هذا البديل”.

وجدد بنعبد الله تنديده لما عرفته الانتخاباتُ من ممارساتٍ غير سليمة وفاسدة، مُعتَمِدةً على المال من قِبَلِ عددٍ من المُساهمين فيها، يَفرض التساؤل، ليس بمنطقٍ حزبي أو من منطلقٍ حسابي، ولكن بمنطقٍ وطنـــي ومواطناتي، ومِنْ مُنطلَقِ المسؤولية، حول مكانة المؤسسات المنتخبة وأدوارها الفعلية، وحول طبيعة العديد من المنتخبات والمنتخبيـــن الذين أفرزتهم عمليات الاقتراع، لافتا إلى ضرورة استخلاص العبر والذهاب في تحضير أجواء مختلفة بالنسبة للانتخاباتِ المقبلة، معارضةً وأغلبية، بما يُصالِح الناس مع الشأن العام، وبما يُــــعطي القيمة للفاعل الحزبي وللفعل السياسي، وبما يُفَعِّلُ الدستور نصًّا وروحاً، ويُــــفرِزُ برلماناً للكفاءات فعلاً، وحكومةً للكفاءات فعلاً، ومجالسَ منتخبة للكفاءات فعلاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى