ثلاثة أحزاب معارضة تدعو لإصلاحات سياسية وانتخابية بالمغرب

قالت في مذكرة مشتركة إن المشهد السياسي يعاني "الترهل"

اعتبرت أحزاب المعارضة أن المشهد السياسي المغربي أصبح يعاني من حالة الترهل والإجهاد على جميع المستويات، جراء أسباب ذاتية مرتبطة بطبيعة اشتغال الفاعل الحزبي والمؤسسات السياسية، وبروز ممارسات تهيمن عليها حسابات الربح والخسارة عوض المضمون السياسي والفكري والإيديلوجي.

وأعلنت أحزاب “الاستقلال” و”الأصالة والمعاصرة” و”التقدم والاشتراكية” في مذكرة مشتركة الإصلاحات السياسية والانتخابية التي ترى أن البلاد بحاجة إليها، اطلع “صحراء ميديا المغرب” على نسخة منها اليوم الثلاثاء.

ودعت إلى إبرام تعاقد سياسي جديد، واستثمار المنسوب العالي للوطنية الذي أفرزته جائحة كورونا، وتبلور بشكل واضح بالالتفاف الجماعي للشعب المغربي حول الملك، وذلك على أساس أن يكون المدخل الأساسي لهذا التعاقد هو القيام ب”الإصلاحات السياسيالمؤسساتية، وتقوية الأدوار الدستورية للأحزاب، وإحداث القطائع الضرورية مع بعض الممارسات المسيئة للمسار السياسي والديمقراطي”.

كما طالبت الأحزاب الثلاثة المعارضة بتعزيز “الاستقلالية والتعددية الحقيقية، وتوضيح الرؤية السياسية، وتوضيح أدوار السياسي والتكنوقراطي في الحياة العامة”، كما أكدت على ضرورة إقرارالتكامل بين السياسي والمجتمع المدني، وتطوير المفهوم الجديد للسلطة، لمواكبة تطورات الحقل السياسي والدستوري، وتوطيد التعاون والتكامل مع أدوار الاحزاب السياسية والمؤسسات المنتخبة.

وشددت الأحزاب ذاتها على ضرورة توفير المناخ العام والشروط السياسية الضرورية الكفيلة بإحداث انفراج سياسي وحقوقي، والعمل على تقوية تموقع الأحزاب في الفضاء العمومي والمؤسساتي، وتمكينها من كافة الوسائل والظروف للقيام بمسؤولياتها الدستورية والأخلاقية تجاه المجتمع.

ودعت أيضا، إلى ضرورة مراجعة القانون التنظيمي للأحزاب السياسية، بما يجعله قادرا على “استيعاب روح الاختيار الديمقراطي الذي جاء به الدستور، ويحقق التمكين السياسي للأحزاب، ويعزز وظائفها السياسية و الدستورية في تأطير المواطنين، وممارسة الوساطة بين الدولة والمجتمع”.

كما طالبت بالتفعيل السريع لتوجيهات الملك الواردة في خطابه بمناسبة افتتاح السنة التشريعية لسنة 2018، والرامية إلى الرفع من الدعم العمومي الموجه للأحزاب قصد مواكبة الهيئات السياسية وتحفيز العمل السياسي، وتخصيص جزء منه للكفاءات الحزبية في مجال التفكير والابتكار.

وأشارت المذكرة إلى ضرورة قيام الأحزاب السياسية بتأهيل بنياتها التنظيمية، وتجديد نخبها، وتشجيع حضور الشباب والنساء في هياكلها، بالإضافة إلى تطوير آليات اشتغالها، وتقوية الديمقراطية الداخلية بداخلها.

كما نص مشروع المذكرة المشتركة على إعطاء المدلول الدستوري والديمقراطي لبرامج الأحزاب السياسية عبر الالتزام ببلورتها في إطار السياسات العمومية، وتكريس المنهجية الديمقراطية بالربط بين نتائج التنافس الانتخابي بين الأحزاب السياسية وتحمل مسؤولية قيادة المؤسسات المنتخبة، وتقوية الشفافية وتفعيل مبدأ تقديم الحساب.

وطالبت المذكرة بتجسير الهوة بين الناخب والمنتخب وإعطاء المدلول الديمقراطي لإرادة الناخب في اختيار ممثليه وعكس ذلك على التحالفات ما بعد الانتخابات، وكذا تمكينه من كافة الوسائل لمساءلة المنتخب، ومحاسبة هيئته السياسية بعد نهاية فترة الانتخابات، فضلا عن إقرار التكامل بين الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية، والعمل على تبسيط الإجراءات والشكليات المتعلقة بتقديم العرائض والملتمسات من طرف المواطنين، وتنظيم وتوضيح العلاقات بين مؤسسات الحكامة والمؤسسات الدستورية الأخرى.

أما على مستوى إصلاح المنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات، فسجلت الأحزاب الثلاثة بأن الانتخابات ليست “هدفا في حد ذاتها، بل هي آلية ووسيلة لإفراز مؤسسات منتخبة تعكس ارادة الناخبين واختياراتهم، باعتبارها أداة للتعبير السياسي الحر ومدخلا رئيسيا للممارسة الديمقراطية”.

واعتبرت أن الاشتغال على ورش نزاهة الانتخابات وشفافيتها، هو أحد الأوراش الرئيسية التي ينبغي “الانكباب عليها، من أجل تعزيز وحماية العملية الانتخابية وإحاطتها بكافة الضمانات القانونية، والإدارية، والقضائية، والسياسية، والعمل على توفير كل الشروط والآليات لتجرى العملية الانتخابية في أجواء يسودها التنافس السياسي الحر بين الأحزاب، و تفعيل مبدأ تقديم الحساب وعدم التهرب من المسؤوليات، والقطيعة مع بعض الممارسات المسيئة المتمثلة في استعمال المال من طرف بعض المرشحين، وتقديم الإغراءات العينية، واستعمال الوسائل العامة في الحملات الانتخابية، والحياد السلبي للإدارة، إلى غير ذلك من الممارسات التي تفرغ العملية الانتخابية من مدلولها الديمقراطي، وتؤثر بشكل كبير على أداء ومردودية المؤسسات المنتخبة، وتسمح بصعود نخب ضعيفة الكفاءة والقدرات، مما يعكس صورة سلبية عن الفاعل السياسي، ويضعف ثقة المواطنين في الأحزاب وفي المجالس والمؤسسات المنتخبة”.

ودعت بخصوص الهيئة المشرفة على الانتخابات، إلى إحداث اللجنة الوطنية للانتخابات بقانون كهيأة مكلفة بالتنسيق والتتبع ومواكبة الانتخابات، تكون ذات طابع مختلط، تتكون، بالإضافة إلى ممثلي الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية الممثلة في البرلمان، من ممثلي الحكومة والسلطة القضائية. وتكون بمثابة آلية للتشاور والإعداد والتتبع ويعهد برئاستها لممثل السلطة القضائية، على أن تتكلف الحكومة بالتدبير الإداري للانتخابات، كما اقترحت أن تحدث لدى اللجنة الوطنية للانتخابات ولنفس الغرض لجان إقليمية على صعيد كل عمالة أو إقليم.

وعن التقطيع الانتخابي، حثت المذكرة على اعتماد المنهجية التشاركية بخصوص مشاريع التقطيع الانتخابي، وعرضها وجوبا على اللجنة الوطنية للانتخابات واللجان الإقليمية، مع ضرورة مراعاة خصوصية بعض الأقطاب الحضرية الجديدة في التقسيم الترابي والتقطيع الانتخابي وضم بعض الجماعات الترابية المتقاربة والمتجانسة.

كما طالبت الأحزاب الثلاثة بالحفاظ على نظام الاقتراع المزدوج: أحادي/لائحي، في الانتخابات الجماعية، واعتماد الانتخابات باللائحة في الجماعات التي يفوق عدد سكانها 50.000 نسمة، وكذا في الجماعات التي تقل ساكنتها عن هذا العدد شرط وجود مقر العمالة فوق ترابها، واعتماد الاقتراع الأحادي الإسمي في باقي الدوائر الانتخابية.

ودعت إلى تقوية مشاركة النساء والشباب باعتماد لوائح جهوية للنساء، والشباب ذكورا وإناثا، بدل اللائحة الوطنية، مع رفع عدد المقاعد التي كانت مخصصة للائحة الوطنية، في أفق تحقيق المناصفة بالنسبة للنساء، ومراعاة تمثيلية الأطر والكفاءات، وكذا الجالية المغربية بالخارج، واعتماد لائحة نسائية في الجماعات ذات الترشح الفردي.

وطالبت المذكرة بالتنصيص القانوني على تمثيلية النساء في مجالس العمالات والأقاليم والغرف المهنية، والعمل على ضمان الآليات الكفيلة بضمان تمثيلية المرأة في الانتخابات الجماعية بنسبة الثلث على الأقل، وتقوية تمثيلية الشباب في الانتخابات الجماعية بمختلف الآليات كاعتماد لائحة للشباب مثلا، فضلا عن مطالبتها بإحداث صندوق لدعم المشاركة السياسية للشباب على غرار صندوق دعم القدرات السياسية للنساء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى