“التقدم والاشتراكية” يعلن عن إصدار مذكرة حول إصلاح مدونة الأسرة
قال إن قضية المساواة ليست سياسية أو تشريعية فقط

كشف حزبُ التقدم والاشتراكية أنه سيُصدِرُ قريباً مذكرةً حول إصلاح مدونة الأسرة، سعياً وإسهاماً منه في وضع حَـدٍّ للثغرات والإخفاقات والتحايلات التي تُــــحيط بالمدونة الحالية، بما يحفظ الأسرة المغربية، باعتبارها النواة الأساسية للمجتمع، وبما يضمن حقوقَ الأطفال، ويَصُونُ مكانةَ وكرامة المرأة، ويحفظُ حقوقها على أساس المساواة مع الرجل، باعتبارهما شريكين حقيقين ومتكافئين، بالنظر إلى الأدوار التي يضطلعان بها معًا في بناء صرح الأسرة المغربية.
وأوضح الحزب، في بيان له، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، أنه يُـقارِبُ مسألة المساواة، باعتبارها قضيةً تتقاطعُ فيها الأبعادُ الثقافية والديموقراطية والتنموية والاجتماعية والاقتصادية، مؤكدا حرصه التام على أن يتم ذلك في إطار جَوِّ النقاش الهادئ والبنَّاء، الرزين والهادف، دون السقوط في منطق التخويف والترهيب والتخوين والتهديد والاتهامات الخطيرة والتراشقات العقيمة، علما أن هدا الأسلوب لا يَـــليقُ بالحوار الديموقراطي والتدبير السليم للاختلاف في كَنَفِ العناصر الجامِعَةِ للأمة المغربية، المنصوص عليها دستوريًّا.
ونوه البيان بكون البلاد قطعت أشواطاً كبيرة من حيث تعزيزُ المناعة التي تُمَكِّنُها من مُباشرة أيِّ نقاشٍ مجتمعي بشكلٍ ناضج.
وأكد حزب التقدم والاشتراكية على ثقته في أنَّ الدستور، والمرجعية الإسلامية التي تَحتَـمِلُ قراءاتٍ متعددةً، والاتفاقيات الدولية المصادَق عليها من طرف البلاد، ومنظومة حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، فضلاً عن الخصوصيات الوطنية، كلُّها عناصرُ يمكن استدماجُهَا بشكلٍ خلاق، من أجل بلورة مدونة عصرية للأسرة تَستجيب لتحولاتِ ومُتطلبات العصر.
واعتبر الحزب أنَّ قضية المساواة ليست قضيةً سياسية أو تشريعية فقط، بل إنها قضيةٌ مجتمعيةٌ وثقافية عميقة. كما أن المساواة لا يمكن اختزالها في مدونة الأسرة فقط. ولذلك مطروحٌ على الجميع السَّـعـيُ نحو فتح نقاشٍ واسعٍ ومسؤول حول مختلف القضايا المرتبطة بالإقرار الفعلي للمساواة في جميع المجالات، بما فيها مسألة الإرث.
وشدد الحزب على أن النهوضَ بوضعية المرأة، وتمكينها من كافة حقوقها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية يتطلب التنفيذ الأمثل لالتزامات البلاد المتعلقة بالاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها، وتفعيلَ المؤسسات والهيئات ذات الصلة، ومراجعةَ القانون الجنائي، وقانون المسطرة المدنية، ومدونة الشغل، وقانون الوظيفة العمومية، وقانون محاربة العنف ضد النساء، والقوانين الانتخابية، مع تفعيل كل هذه التشريعات في شكل ممارساتٍ وسياسات عمومية متناغمة.
واعتبر حزب التقدم والاشتراكية أن التغلب على تصاعد الفقر والهشاشة في أوساط النساء المغربيات، وبدرجة أشد في الوسط القروي، وتنامي ممارسة العنف والتحرش، واستمرار الإقصاء والتمييز ضد المرأة في مختلف مجالات الحياة، وتَعَمُّق الممارسات الحاطة من كرامتها والمسيئة لصورتها، يتطلب، أساساً، الإرادةَ السياسية القوية، والعملَ المتجذر من أجل تغيير العقليات، والحرص على تغيير المناهج والبرامج التعليمية.
ولفت الحزب إلى أن تخليد اليوم العالمي للمرأة يستوجب التغيير في القوانين وفي العقليات والممارسات، لأجل مغرب تتساوى فيه حقوقُ المرأة والرجل، لبناء أسرةٍ قوية على أسس متوازنة، ومجتمعٍ يضطلع فيه كلٌّ من الرجل والمرأة، يداً في يد، بأدوارهما كاملةً في بناء مغرب الديموقراطية والحرية والمساواة والكرامة.
وبهذه المناسبة النضالية الأُممية، أعرب حزبُ التقدم والاشتراكية عن تقديره العالي لكافة النساء عبر العالم، المكافِحات، في ظروف قاسية، من أجل الانعتاق والتحرر والعيش الكريم، والمناضلات من أجل المساواة والديموقراطية والعدالة الاجتماعية، ومن أجل عالَمٍ أفضل يسوده السلام والتضامن والازدهار، ومن أجل نصرة القضايا العادلة للشعوب، وفي المقدمة النساءُ الفلسطينيات المناضلات في سبيل إقرار الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.
كما توجه نفس المصدر بالتحية إلى المرأة المغربية أينما وُجدت، مُستحضِراً القفزة النوعية التي شَكَّـلَـها دستورُ 2011 في مسلسل الإقرار بحقوقها، بفضل نضالاتها المستمرة واستماتـــــتــــها في الـمـطالبة بالتفعيل السليم والكامل للمقتضيات ذات الصلة، مشيرا إلى أن هذا التفعيل لا يزالُ يطرح أكثر من سؤال، بالنظر إلى عددٍ من العوامل، وفي مقدمتها العامل السوسيو ثقافي الذي يستلزم كثيراً من الجُهد النضالي.
وعبر حزبُ التقدم والاشتراكية عن اعتزازه بتراكم عددٍ من المكتسبات التي تحققت للمرأة المغربية بفضل نضالات الحركات الديموقراطية والتقدمية والنسائية والحقوقية، مسجلا أن طريق النضال لا يزالُ طويلاً وشاقا من أجل أن تتمكن المرأة المغربية من كافة حقوقها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية والثقافية.
في هذا السياق، اعتبر حزبُ التقدم والاشتراكية أنَّ مدونة الأسرة، التي شكَّـلت في أوانــــها ثورةً هادئة وتَحَوُّلاً عميقاً في السعي نحو المساواة، ونحو صَوْنِ كرامة المرأة والطفل والرجل، صارت اليوم مُتجاوَزةً في العديد من مقتضياتها، من خلال ثغراتٍ عديدة، وإكراهاتٍ تطبيقية، فَـسَـحَـتِ المجالَ واسعاً أمام التأويل الجامد، وأمام ممارساتٍ تحايلية ونُكوصية، فضلا عن كونها لم تعد تستجيبُ لا للتحولات العميقة التي طرأت على المجتمع المغربي، ولا لتطلعات المرأة المغربية، كما أنها لا ترقى إلى مستوى الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وهو ما يستلزم إخضاعها لمراجعةٍ عميقة بمنطقٍ تحديثي.
وجدد الحزب نداءَهُ من أجل تعديل مدونة الأسرة، وفق مقاربةٍ قِوامُها الحوارُ الهادئُ والرزين، ووفق المرجعية الدستورية، وروح العصر، وباعتماد الاعتدال المنفتح والاجتهاد المتنور، مسجلا اعتزازه بالمضامين القوية لخطاب الملك بمناسبة عيد العرش، والتي تـــلتقي حولها، بشكلٍ عريض، كافةُ القوى الديمقراطية والتقدمية والحقوقية الفاعلة.