بن عيسى: المغرب والإمارات نموذجان في إشاعة ثقافة التسامح والتعايش

نوه بمواقف الملك محمد السادس الإنسانية الداعمة لها

أشاد محمد بن عيسى، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأسبق والأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، بما يقوم به المغرب والإمارات من مبادرات وجيهة اتسمت بالشجاعة الفكرية، بشأن الدعوة عبر كل الوسائل المتاحة،  إلى إشاعة ثقافة التسامح والتعايش، سواء لدى المواطن، أو لدى المقيمين على أرضهما من مختلف الأجناس والديانات  والثقافات، ليعطيا بذلك المثال ويجسدان  القدوة فيما يتعين القيام به في هذا السياق.

مواقف إنسانية

وأوضح بن عيسى، في كلمة له بمنتدى الفكر والثقافة العربية في دورته ال11، تحت عنوان”التسامح والتعايش السلمي”، المنظم من طرف جمعية الصحفيين الإماراتية بأبوظبي، من 8 إلى 10 مارس الحالي، أن الدور الطليعي الذي يضطلع به هذان البلدان في خدمة تلك المقاصد النبيلة، كل بأسلوبه و خصوصيته، هو دور سيكون له أثره العميق، في مد الجسور، وتنمية ثقافة التسامح ، وتعزيز مبادئ التعايش السلمي بين أبناء البشرية من كل الأعراق والأديان والحساسيات الفكرية .

على صعيد ذي صلة، نوه بن عيسى بمبادرات الملك محمد السادس الرائدة، ومواقفه الإنسانية الداعمة لمبادئ التسامح والتعايش ، وقال إنها تستحق كل الإشادة والثناء والتنويه، مثمنا أيضا مواقف الرئيس الإماراتي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي واصل بشجاعة وثبات، دعم قيم التسامح، ونجح في أن يجعل من وطنه، مثالا للتعايش في عالم اليوم، مسجلا أنه يحقق الامتداد والاستمرارية،  لرؤية والده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي كان مشبعا  إلى حد بعيد بروح التسامح والنبل ومحبة السلم، وعلى تلك الروح  المتسامحة  المسالمة، وحد الإمارات وشيد لها مجدا شامخا، يفتخر به اليوم كل عربي.

البيت الداخلي

وقال بن عيسى:”لقد بدا لي أن مسؤوليتنا كعرب وكمسلمين في الإيمان بقيم التسامح والتعايش السلمي، قد لا تزيد ولا تنقص عن مسؤولية الأمم الأخرى، لكن مع فارق أساسي هو أن مسألة  التعايش والتسامح، ليست مطروحة علينا في علاقتنا بالأعراق والثقافات الأخرى فحسب،  بل أصبحت مطروحة علينا أيضا على مستوى بيتنا الداخلي، وكياناتنا القطرية، أي في علاقتنا ببعضنا، نحن العرب والمسلمين”.

وزاد مبينا:”وهو ما يجعل دورنا وواجبنا في إرساء قيم التسامح  والتعايش يتسم بمسؤولية مضاعفة تجاه بعضنا البعض، وإزاء غيرنا من الأمم والأعراق، والأديان والثقافات والحضارات. ولعل دليلي على هذا الرأي هو ما تشهده منطقتنا العربية والإسلامية، من تنامي النزاعات والتوترات، ومظاهر العنف والاحتراب والاقتتال، وما يخيم عليها من استمرار سلوكيات الغلو والتشدد ، مع استفحال النزوعات الطائفية والمذهبية الضيقة، إلى درجة لم يعد بإمكان المراقب المتتبع أن يتنبأ بمآلات هذا الوضع المؤسف والمؤلم”.

تشتت كيانات عربية

وأشار وزير الخارجية المغربي الأسبق إلى كيفية تشتت كيانات في المنطقة العربية وتمزق وحدة شعوبها وتحولها إلى فصائل وطوائف متحاربة، على أرض الوطن الواحد، إلى جانب كيفية تمدد الفوضى أمام حالة من التخاذل الكبير في معالجتها من لدن أبناء الوطن الواحد.

وشدد بن عيسى على وجود عامل أساسي وجوهري قد يفسر جانبا مما جرى ويجري، ويتمثل في طبيعة التنشئة التي تلقتها الأجيال في مناطق من جغرافية العالم العربي والإسلامي، تنشئة كانت بعيدة كل البعد عن ثقافة التسامح والتعايش، والقبول بالآخر،  سواء كان هذا الآخر طائفة من طوائف نفس الوطن، أو كان  يمثل ثقافة أو دينا أو عرقا أجنبيا، وذلك مهما يكن من حقيقة الأسباب والدوافع السياسية، التي أدت إلى هذه الحالة التراجيدية المتنكرة لقيم التسامح و التعايش.

إنشاء أجيال عربية

وأكد الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة أنه لا أمل في بناء عقلية تؤمن بفكرة التسامح وتحترمها وتتقيد بها، إلا عبر وسيلة فعالة وناجعة، هي التنشئة والتربية والتعليم، لافتا إلى ضرورة إنشاء وصنع أجيال عربية، مشبعة بمبادئ التسامح والتعايش، تحملها في عقلها وضميرها، وتنضبط لمتطلباتها، وتجعل منها خطا أحمر في سلوكها الاجتماعي والمدني والسياسي.

وتساءل بن عيسى حول كيفية تطوير القيم والمدركات والتصورات والمناهج التربوية والتعليمية حتى تصبح متناغمة مع قيم التسامح وثقافة التعايش، لأنها مع ثقافة الحوار و التواصل تعد هي الأساس الحقيقي والمتين لكل حياة ديمقراطية، إذ لا ديمقراطية بدون إرساء قواعد التعايش بين أبناء الأمة الواحدة وبينهم وباقي البشرية.

وأضاف بن عيسى:”الديمقراطية لا يمكن اختزالها فقط في الأحزاب والنقابات والانتخابات ووجود برلمانات ومجالس وهيئات منتخبة، وإنما هي قبل كل شيء سلوك مدني، يقوم على مبادئ التعايش والتسامح و التساكن والرحمة ورسوخ القناعة بفضيلة تحمل الآخر والقبول به، ومن ثمة تصبح فكرة التسامح،  نقيضا للعنصرية والتسلط”.

واعتبر بن عيسى أن العمل على إرساء هذه الثقافة، التي تعد من صميم عمل الحكومات والمؤسسات الرسمية بالأقطار العربية والإسلامية لا يعفي المواطن من مسؤولياته  في إشاعة قيم التسامح والتعايش مع غيره، سواء من أبناء وطنه الأم، أو زواره أو المرتبطين معه بعلاقات اقتصادية وتجارية، أو سياحية أو سياسية أو المنخرطين معه في تحالفات إستراتيجية، اقتضتها ضرورة حماية السيادة الوطنية، وأمن البلاد وازدهارها، وتموقعها في صدارة دول العالم  الوازنة، وهو ما يتمناه كل مواطن غيور على بلده ومصالحه العليا، مع التركيز على دور الحكومات والشعوب، من أجل تعزيز آليات الحوار بينها ومع غيرها، في حرص تام على حسن التواصل والتعايش والتفاهم بين الأديان  والأجناس والثقافات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى