سياسيون وخبراء يقاربون دور الإعلام في البناء الديمقراطي

مفتاح: استعانة الحكومة بمؤثرين أمر خطير

تناول سياسيون وخبراء إعلاميون دور الإعلام في ترسيخ البناء الديمقراطي وتحقيق التنمية المستدامة، خدمة لقضايا المواطنين والبلاد بشكل عام، فضلا عن إصلاح الفضاء السياسي في سياق استعادة الثقة بين الفرد والفاعل السياسي.

ممارسات غريبة

وقال نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في لقاء نظمه الحزب، مساء الخميس، حول موضوع”الإعلام والبناء الديمقراطي”، إن الإعلام والديمقراطية في فترات أساسية كانا ملتصقين يعملان في اتجاه واحد وهو توسيع فضاء الديمقراطية وإقرار الحريات والحقوق بالنسبة للبلاد على مستويات مختلفة.

وأضاف بنعبد الله:” مررنا سابقا بظروف حالكة وهناك من أدى الثمن في الحقلين السياسي والإعلامي، في تلك الفترة كان العمل مشتركا والأهداف مشتركة تشمل توسيع الفضاء الديمقراطي لينعم السياسي والإعلامي بظروف مناسبة لممارستهما. حققنا معا مكتسبات مشتركة على مستوى تطوير الفضاء الديمقراطي وحقوق الإنسان والحريات والنضال من أجل المساواة، قبل أن ندخل تدريجيا في فترة اتسمت بانفتاح كبير للدولة على الفضاءين معا، صحيح أننا لم نحقق كل المبتغى، فهناك هفوات وسلبيات في كلا القطاعين، علما أننا دخلنا مرحلة مبهمة غامضة تتسم بكوننا نراوح مكاننا في المكتسبات المحققة إعلاميا وسياسيا، إلى جانب دخولنا في مقاربة تتسم بالسعي إلى أن يكون الفضاءين طيعين في غياب الحيوية”.

وانتقد بنعبد الله ظهور ممارسات غريبة في المجالين السياسي والإعلامي، تتسم ببروز عالم المال الذي أوصل البلاد لمستوى خطير يهدد الديمقراطية، مستدلا على ما حصل في الانتخابات الأخيرة، داعيا إلى احترام مجموعة من المنطلقات الأخلاقية سواء في السياسة أو الإعلام.

البناء الديمقراطي مهدد بخصمين

من جانبه، اعتبر عبد الله البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، أن البناء الديمقراطي مهدد بخصمين، أحدهما تقليدي، انطلاقا من مفهوم سائد لدى الدولة يشمل محدودية دور الإعلام، بالإضافة إلى بروز صناعة المؤثر في المجتمع من دون المرور بمسارات التكوين المعرفي والثقافي، مما يشكل خطورة حقيقية على المسلسل الديمقراطي.

وأشار البقالي إلى إمكانية التخفيف من تداعيات الأمر بتجويد المنتوج الإعلامي في القطاعين الخاص والعام لمواجهة التداعيات العميقة والسلبية التي تشكلها التحولات المفروضة على المجتمع.

حسابات وهمية

من جهته، ذكر نور الدين مفتاح،  رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، أن الإعلام يعيش أسوأ سيناريو يمكن تصوره حاليا، لافتا إلى أن الصحافة كانت وسيلة صراع بين النظام والمعارضة، حيث أن فكرة المهنية تبدو جديدة بدأت مع جيل الانتقال الديمقراطي.

وقال مفتاح:”في كل مرة يكون الإعلام في وضعية سيئة وهشة ولا يقين، وفي غفلة منا وجدنا أن العالم سبقنا خاصة في ثورة التواصل الاجتماعي، باعتبارها آخر الثورات الكبرى التي شهدت دمقرطة التواصل الجماهيري ونحن خسرنا حصرية الوسطاء بالنسبة للرأي العام”.

وزاد مبينا:”حينما تقع ثورة مماثلة في بيئة بها مشكل تعليمي وثقافي نجدنا غارقين في النقاشات في مواقع التواصل الاجتماعي التي تظل غير منظمة بدون رقيب أو حسيب، بوجود حسابات وهمية وأخبار زائفة، والخطير في الأمر استعمالها من طرف فاعلين رسميين”.

وندد مفتاح باستعانة الحكومة لمؤثرين للإعلان عن برامجها في سياق فوضى عارمة بوجود هشاشة كبرى على الصعيد الاقتصادي.

وشجب مفتاح سيطرة الإعلام العمومي على سوق الإشهار بالمغرب مقارنة بالمقاولات الصحافية الخاصة.

ومضى مبينا:”من غير المعقول أن 3 مليار درهم كرقم معاملات للإشهار يسيطر فيها الإعلام العمومي على نحو 40 في المائة، في الوقت الذي نسجل فيه تراجع حجم استفادة الصحف الورقية من الإشهار من 25 في المائة إلى 7 في المائة، فيما يستفيد الإعلام الإلكتروني من أقل من 4 في المائة”.

وحذر رئيس الفيدرالية المغربية لناشري الصحف من تراجع بيع الصحف الورقية بالمغرب إلى 30  ألف نسخة، في مقابل تحقيق صحيفة”لوموند” الفرنسية لرقم قياسي بلغ 500 ألف نسخة في ديسمبر الماضي.

“تواضع” الإعلام

وسجل مصطفى ملوك، منتج وخبير في الإعلام، ضرورة”تواضع” الإعلام، لأن الديمقراطية ليست بيده بل قرار سياسي وحكامة مضبوطة، وبقوانين تحكمها منها الدستور وعدد من القوانين، وبالتالي يمكنها التغير حسب المناخ.

وأفاد ملوك بتطور صناعة الإعلام خلال 30 سنة الأخيرة، بعدما كان الأمر مقتصرا في نهاية الثمانينات على قناتين تلفزيونية وإذاعية وحيدتين.

واعتبر ملوك أن صناع المحتوى فيهم من يقوم بدور إيجابي بالعمل على الجوانب الثقافية والتربوية في مقابل آخرين يقدمون أشياء ليست في المستوى، مما يفرض إعادة الهيكلة في غياب قانون يقيد المجال الرقمي، داعيا إلى ضرورة عقد مناظرة في الموضوع والتأسيس لبرنامج ك”المغرب الأخضر” و”أليوتيس” بمنح أموال واستثمارات من أجل الارتقاء بالمجال الإعلامي والبلاد بشكل عام.

هدر زمن الإصلاح

بدوره، شدد كريم تاج، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أن هدر زمن الإصلاح كان يمكن أن يجهز على المكتسبات المحققة في مجال الإعلام وبالتالي التأثير على البناء الديمقراطي، مشيرا إلى توفر الإرادة السياسية القوية وخريطة طريق واضحة، مما يتطلب أجوبة جديدة في المجال.

وقال تاج:”لايمكن التأسيس لإعلام قوي دون ديمقراطية متطورة ومنفتحة، وهو ما يجعلنا في الحزب نؤمن بإمكانات تحصين البناء الديمقراطي كرافعة أساسية يمكن الارتكاز إليها من خلال الإعلام”.

وأوضح المسؤول الحزبي أن الخطر المحدق بالديمقراطية في البلاد يتمثل أساسا في الابتعاد عن روح الدستور والتوجه نحو ديمقراطية شكلية، وتلويث السياسية بالمال، والجمع بين السلطة والمال، والتطبيع مع تضارب المصالح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى