وهبي: الحكومة تعاني من غياب نقاش ديمقراطي حول تحديات التنمية

قال إن التدبير الشعبوي للعدالة والتنمية ترك إرثا ثقيلا

قال عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، إن ما تعاني منه الحكومة هو غياب نقاش ديمقراطي حقيقي وعميق حول أهم القضايا والتحديات التي تعترض مسار البلاد في التنمية.

وأضاف وهبي، اليوم السبت، في أشغال الدورة ال26 للمجلس الوطني للحزب، أن الحكومات الديمقراطية القوية تحتاج إلى معارضة ديمقراطية قوية، ليستنير الرأي العام الوطني بالنقاش والحوار ويعرف أهمية المنجزات والبرامج.

وزاد مبينا:”فالحكومة اليوم ضحية معارضة، إما ضعيفة باهتة تنتظر صحوتها لكي تناقش وتوضح أهمية عملنا، وإما معارضة بعض الأصوات الرديئة على قنوات التواصل الاجتماعي غير سياسية ولا فكرية ولا إيديولوجية، إذ تستغل هاته الأصوات سهولة استعمالها لتبت خطابا لا علاقة له بالسياسة، ولا بالفهم الديمقراطي، وبالتالي لا تستحق الانتباه لأنها تشيع حوار التضليل والرداءة”.

واعتبر وهبي أن أدوار الحزب النضالية داخل المؤسسات الدستورية والمجتمع لن تكون ناجعة إلا من خلال بناء مؤسسات حزبه، وهو ما جعله يولي أهمية قصوى للبناء المؤسساتي وإعمال قيم ومبادئ الشفافية والديمقراطية، داعيا شباب الحزب إلى تجاوز حسابات الماضي، والشروع بشكل مستعجل في أعمال تحضيرية للقيام باستقراء موضوعي لأعطاب المحطة السابقة، ووضع تصور جديد للتنظيم الشبابي للحزب.

وتناول القيادي الحزبي أدوار مغاربة المهجر في الجانب التنموي والاقتصادي، مما يفرض الاهتمام بهاته الفئة وجعل قضاياهم من القضايا الجوهرية ضمن اهتمامات حزب الأصالة والمعاصرة، لافتا إلى أنه يسعى لاستقطاب نخب جديدة في أفق عقد مجلس وطني يجمعهم في الصيف، فضلا عن انتخاب مجلس فدرالي يسهر على تدبير شؤونهم داخل الحزب.

وقال وهبي إن كل مكونات الأغلبية الحكومية ومنهم وزراء حزبه، لا يتبنون خطاب الأزمة، أو خطاب التباكي إزاء الواقع الصعب الذي يمر منه الاقتصاد الوطني.

وأفاد وهبي أن أعضاء ومناضلي حزب الأصالة والمعاصرة وفي الحكومة عموما، لا يعتبرون الظرفية الصعبة التي تمر منها البلاد من جراء التأثيرات المالية والعالمية التي حملت ارتفاعا مهولا في أسعار كل المواد الأولية والأساسية، قدرا سيئا أو نفهمها كسوء حظ في السياسة، لأن المواطنين لم يصوتوا على حزب الأصالة والمعاصرة إلا لكي يقدم لهم مناضلوه داخل الحكومة وفي كل مواقع المسؤولية، الحلول المثلى للمشاكل اليومية التي تعترض حياتهم.

وشدد الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، أن هذا اللقاء يأتي في ظروف داخلية ودولية دقيقة، واستثنائية وصعبة.

وقال وهبي:” لدرجة جعلت البعض يقول بأنه لا أحد يحسدنا اليوم على مشاركتنا في الحكومة في هذا السياق المحفوف بالمشاكل والتحديات، فما كدنا نخرج من مرحلة حالة الطوارئ التي فرضت على بلادنا جراء الحرب ضد كوفيد 19، والتي كانت لها تداعيات سلبية على اقتصادنا الوطني وإعمال العديد من الإجراءات الإدارية والمالية أتعبت ميزانية الدولة؛ فما كدنا نخرج من هذه الصعوبة الوبائية حتى انفجرت في وجهنا الحرب الروسية- الأوكرانية، مخلفة ورائها صعوبات جمة أبرزها ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الأساسية”.

وعن انعكسات جائحة كورونا، أشار الأمين العام، بأنه تم الخروج من المعركة ضد الجائحة “ونحن في حاجة إلى سياسة خاصة ومتميزة، تستفيد من هذه التجربة وتبلور حلولا تنسجم مع ما جاء في النموذج التنموي الجديد، الذي حاز على توافق كل القوى الحية لبلادنا من جهة، وتستفيد من الدروس المستخلصة من معركتنا ضد انتشار الوباء من جهة أخرى”.

وأوضح وهبي أن المواطن المغربي عندما عبر عن تصوره لمرحلة ما بعد كوفيد 19، وأعطى صوته لبرامج اقتصادية واجتماعية لها أفق تنموي مشترك، داهمت البلاد من جديد أزمة اقتصادية أفرزتها الحرب الروسية- الأوكرانية، ليجد الاقتصاد الوطني نفسه مجددا أمام تحديات غير مسبوقة؛ مضيفا بأن الظرفية تستدعي المزيد من التضحيات، والمزيد من الإبداع في الحلول والبدائل، خاصة إذا ما تم استحضار حجم الإرث الثقيل الذي تركه التدبير الحكومي الشعبوي لما يزيد عن عقد من الزمن.

ونوه وهبي بالحزب باعتباره يشكل قوة بناءة داخل حكومة التحولات الاجتماعية الكبرى، قوة سياسية اقتراحية راسخة، لاسيما وأنه حظي في المغرب بقيادة متبصرة للملك محمد السادس.

وقال وهبي:”يحسدنا الكثيرون على هذه الكاريزما القيادية لمشروع مجتمع ديمقراطي حداثي، لطالما تجلى في العديد من المبادرات التنموية المتميزة، كان آخرها قرار الملك التمسك بالخيار الديمقراطي وبإجراء الانتخابات في وقتها رغم ظرفية الوباء، ومبادرته لبناء الدولة المغربية الاجتماعية، وإعادة بناء تصور جديد لنموذجنا التنموي”.

واعتبر وهبي، أن الحكومة الحالية التي يشارك فيها حزبه تواجه “إرثا ثقيلا تركه التدبير الحُكومي الشعبوي لما يزيد عن عقد من الزمن”، في إشارة إلى الحكومتين السابقتين اللتين قادهما حزب العدالة والتنمية برئاسة أمينيه العامين الحالي عبد الإله ابن كيران والسابق سعد الدين العثماني.

وسجل وهبي أن الأصالة والمعاصرة“لم يأت للحكومة ليرضي هذا الطرف أو ذاك، بل لينجز الإصلاحات التي يراها ضرورية في المجالات التي لنا فيها مسؤوليات، وليطبق البرنامج الحكومي الذي تعاقد حوله مع حلفائه في الأغلبية.

وبشأن الانتقاادات الموجهة لوزراء الحزب في الحكومة، قال القيادي الحزبي:”نلاحظ أن وزراءنا يحضون بالمتابعة الصحفية والنقد داخل المشهد الإعلامي والسياسي المغربي أكثر من غيرهم، فإن هذا إن دل على شيء فإنما يدل على أننا وزراء سياسيون مسؤولون، مناضلون في الحكومة، ولن نكون في يوم من الأيام وزراء إداريين صامتين كما كان الأمر مع البعض في الحكومات السابقة، فالنقد الموجه لأدائنا الحكومي؛ إن اتفقنا جدلا على أنه نقد، هو مقياس على أننا نتبنى مبادرات إصلاحية نعتقد بأهميتها لتقدم بلادنا، رغم ما قد تثيره من خلافات بيننا وبين بعض مكونات المجتمع، فلا نرتضي أسلوب الشعبوية التي تروم إرضاء عامة الناس بالجمود وغياب المبادرة وافتقاد المواقف الصريحة”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى