“العدالة والتنمية”: أزمة كليات الطب فشل سياسي جديد للحكومة

دعا لحوار حقيقي ومسؤول مع النقابات الصحية

قالت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية إن الأزمة التي يشهدها القطاع الصحي، على مستوى الكليات العمومية للطب والصيدلة، منذ شهور، وأيضا على مستوى المستشفيات والمرافق الصحية العمومية هو نتيجة لغياب التعامل السياسي الناضج والمسؤول ولأزمة المقاربة الحكومية المتخبطة والمرتبكة والمتناقضة والتي تحكم للأسف تدبير مختلف الملفات، وهو فشل سياسي جديد للحكومة، والتي لا تخرج من أزمة إلا لتدخل في أزمة جديدة.

وأعرب الحزب، في بيان أعقب اجتماع أمانته العامة، الجمعة، عن تخوفه البالغ من انتقال هذه الاحتجاجات إلى قطاعات أخرى وتطور ما يجري نحو احتقان اجتماعي البلاد في غنى عنه، منبها لأثر هذه التطورات على استمرارية القطاع الصحي العمومي، وهو الذي يعتبر مكونا هاما وركيزة أساسية في التكوين الطبي الرصين واستمرارية الخدمات الصحية للجميع وضمان نجاح ورش تعميم الحماية الاجتماعية.

وحذر الحزب من مآلات تأزيم وضع القطاع الصحي العمومي بشقيه التكويني والخدماتي، وهو ما يجعل المواطنين أمام خيارين صعبين، إما التخلي عن الاستشفاء أو اللجوء المجبر إلى صنف جديد وغير طبيعي برز أخيرا في القطاع الصحي الخاص بتوجهات نيوليبرالية وتجارية معلنة تتطور بسرعة خيالية وبشكل غير معقول على شكل شبكة مصحات عابرة للمدن أصبحت في وضع هيمنة على القطاع الصحي بشقيه العام والخاص، تجذب المرضى عبر مختلف الوسائل بما فيها حملات الإشهار ضدا على القانون وفي انتهاك صارخ لمقتضيات مدونة أخلاقيات المهن الصحية، وفي تنافس غير قانوني وغير شريف مع باقي مكونات القطاع الصحي الخاص العادي والطبيعي، وهو ما ينبغي التنبيه والانتباه إليه من الآن وإلى خطورته ولآثاره الوخيمة على استمرارية الخدمات والمرافق الصحية بالقطاعين العام والخاص، وعلى ورش تعميم الحماية الاجتماعية، وعلى استدامة التوازنات المالية لصناديق ومؤسسات الضمان والحماية الاجتماعية والتي بدأت تسجل عجوزات مالية كبيرة تنذر بارتباك تعميم التغطية الصحية.

ورفضت الأمانة العامة للحزب اللجوء إلى العنف في مواجهة التظاهرة السلمية التي نظمها مهنيو الصحة بتأطير من النقابات الممثلة لها في إطار ما يخوله لها الدستور في الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها، وتذكر الجميع بوجوب احترام حرية الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي كما ضمنها الدستور، وضرورة سلوك واحترام المقتضيات القانونية المنظمة لها، مسجلة أن الرزانة والمسؤولية تقتضيان كما هو المعمول به التواصل المباشر بين الحكومة والنقابات وإعمال لغة الحوار في التعامل مع الاحتجاجات وحل النزاعات.

وحمل حزب العدالة والتنمية الحكومة ورئيسها بالخصوص المسؤولية الكاملة لما آلت إليها الأوضاع بهذا القطاع الحيوي والتي هي نتيجة لتنصل رئيس الحكومة من الالتزامات التي يتضمنها محضر الاتفاق الذي وقعته الإدارات المعنية مع النقابات الممثلة للقطاع بتاريخ 29 دجنبر 2023، وذلك بناء على محضر الاتفاق الموقع بحضور رئيس الحكومة بتاريخ 24 فبراير 2022، مستغربا كيف لرئيس الحكومة وهو الذي بمقتضى الدستور يرأس الإدارة أن يتنصل من بعد مفاوضات دامت لثلاثة أيام وبمعرفة الوزراء المعنيين وحضور ممثليهم وأن يدعي أن هذا المحضر لا يلزمه باعتبار أن من وقعه هم إداريون فقط.

ودعا المصدر ذاته رئيس الحكومة إلى تحمل مسؤوليته والمبادرة إلى فتح حوار حقيقي ومسؤول مع النقابات الصحية لإيجاد حل للملفات والالتزامات المتضمنة في محضر اتفاق 29 دجنبر 2023 بما يوقف الاحتقان الذي يعيشه القطاع الصحي العمومي ويضمن التنزيل التشاركي لإصلاح المنظومة الصحية ويراعي الحقوق المكتسبة للأطر الصحية ويحفظ المكانة اللائقة والضرورية للقطاع الصحي العمومي وأدواره الأساسية في إنجاح تفعيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية وضمان الولوج العادل لكل المواطنين للخدمات الصحية، داعيا النقابات الصحية إلى تفادي التصعيد ومواصلة التواصل والحوار مع الحكومة بما يحفظ استمرارية الخدمات والمرافق الصحية لفائدة المواطنين ويحافظ على مكانة وأدوار القطاع الصحي العمومي.

وبشأن إضراب طلبة كليات الطب والصيدلة، حمل الحزب الحكومة ورئيسها كامل المسؤولية عما آل إليه ملف الطلبة والناتج عن تأخرها الكبير وارتباكها وتضارب وتناقض التدخلات والآراء وتصريحات رئيسها ووزرائها في إضراب انطلق منذ 7 أشهر (منذ 16 دجنبر 2023)، إضافة إلى سوء تقديرها للوضعية واطمئنانها الزائد وتحميلها المسؤولية لخصوم وهميين عوض حل المشكل والتحاور المباشر مع الطلبة، ورفضها في مختلف المراحل لكل المبادرات والوساطات ومن ضمنها التدخلات العديدة للفرق والمجموعة النيابية، وهو ما جسده تبليغها لمجلس النواب وفي جلسة رسمية بأن الحكومة غير مستعدة للجواب على أسئلة النواب بخصوص إضراب طلبة الطب والصيدلة.

في سياق متصل، نبهت الأمانة العامة للحزب إلى الارتباك والاضطراب والتناقض في سلوك رئيس الحكومة والوزراء المعنيين، مستغربة تراجع وزير التعليم العالي عن التزامات وحلول سابقة قدمها زميل له في الحكومة باسم رئيسها، وقراره بطريقة انفرادية وغير منطقية وفي زمن قريب جدا إلى إجراء الامتحانات يوم 26 يونيو وتأجيل كل النقاط المطروحة إلى ما بعد الامتحانات وهو ما أدى إلى تفاقم الأزمة والتشنج في المواقف.

ودعا الحزب كلا من الحكومة وطلبة كليات الطب والصيدلة إلى التعامل بإيجابية ومسؤولية -وعلى وجه الاستعجال- مع المبادرة المهمة التي تقودها كل الفرق والمجموعة النيابية بمجلس النواب من أجل تقريب وجهات النظر وإيجاد الحلول الملائمة لمختلف النقاط المطروحة والعمل بمسؤولية ووطنية على إنقاذ السنة الجامعية لأزيد من 25.000 من طلبة الطب والصيدلة من الضياع، ومما سينجم عنه من آثار وخيمة على منظومة التكوين والصحة بالبلاد، داعيا الطلبة إلى اعتماد المرونة اللازمة والتفاعل الإيجابي بما يضمن نجاح هذه الوساطة والعودة إلى التكوين والتداريب وإجراء الامتحانات وإنقاذ هذه السنة الجامعية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى