وهبي: لا يجب علينا التعامل مع الخطب الملكية بانتقائية أو لتصفية حسابات سياسية”ضيقة”

عد التزمت والقمع واعتبار الآخر جاهلا"مفسدة مطلقة"

قال عبد اللطيف وهبي، وزير العدل والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، إن احترام الملك يقتضي من الجميع كمفكرين وفاعلين وحقوقيين وغيرهم عدم التعامل مع خطبه وتوجيهاته بانتقائية سياسية أو لتصفية حسابات سياسية ضيقة.

وأضاف وهبي، مساء اليوم الثلاثاء، في لقاء فكري نظمته مؤسسة الفقيه التطواني، في سلا، حول موضوع:”لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله، بين الدلالة الشرعية والتوظيف الإيديولوجي”،:”فالملك يخاطب الأمة بصفته أميرا للمؤمنين وخطبه تكمل بعضها البعض وتسعى للأفق المطلق وليس الجزئيات، لذا  لا تقحم خطبه ضمن تلك المنازعات الضيقة التي يسعى إليها من تهمه سوى المكاسب السياسية الصغيرة”.

وزاد مبينا:”الإجماع حول الملك يقتضي منا التواضع وعدم الاستغلال المقيت لبعض الكلمات لتحقيق انتصارات وهمية، لأن الإجماع حوله يجعل المغاربة يتفهمون مقاصده وأهدافه، ولا يمكن أن يغالطهم أي كان”.

وقال الوزير:”حينما نسعى لأي إصلاح في الحريات نسعى للتوفيق بين الثوابت الدستورية للمملكة ومختلف المرجعيات وفي حال الاختلاف نحتكم إلى مؤسسة إمارة المؤمنين والفصل النهائي الملزم فيما يتصل بالمرجعية الدينية للأمة واستلهاما لروحه في العدل والمساواة”.

وشدد وهبي على أن الملك هو الكافل لحقوق المواطنين والضامن لها في سياق الدستور والمنظومة الكونية وهو ما يفسر تشبث ملوك المغرب بالشرعية، لكونهم لا يحرمون حلالا ولا يحلون حراما، فمبدأ الشرعية ركن في التأسيس لمشروعية الحكم في البلاد، وولي الأمر يعاقد الأمة على الالتزام بالشريعة ويصون مبادئ الدين ويكفل الحقوق والحريات وتلتزم الجماعة بنصرته.

واعتبر وهبي أن التزام ولي الأمر بمبدإ الشرعية لم يأت ليغل يده بقدر ما أتى لفسح المجال أمام الاجتهاد، فالسلطان إمام وتفرض عليه وظيفته إقرار وضمان سمو الأحكام الشرعية، يبث ويفصل في القضايا المستعصية، كما أن الالتزام بمبدإ الشرعية” لا أحل ما حرم الله ولا أحرم ما حلل الله” لا يتم على وجهه الشرعي إلا بالالتزام بعملية التجديد وفق مقاربة تشاورية قائمة على الحوار في إطار اعتدال واجتهاد منفتح.

وأشار المسؤول الحكومي إلى تطبيع المجتمعات مع العبودية عوض القطع معها ولم يكن للعلماء اعتراض على الرق، والحاصل أن الإسلام لم يحرمها نظرا لاستحكامها في النظام الاقتصادي حول العالم وفتح الباب مشرعا للعتق والحرية، إذ حسنت تعاليمه من ظروف عيش العبيد وكان الأجدر بالجميع المبادرة إلى تحريمه في القرون الأولى من تاريخ الإسلام.

وأضاف وهبي:”لولا التحولات لما كان للمجتمعات الغربية أن تقبل التخلي عن العبودية مما أفسح المجال لأنواع منها إلا أن قرار التخلي عنها كان تقدميا لحد بعيد”.

وذكر الوزير أن الشريعة ليست قانونا أو فقها بل مصدرا لهما معا، وليس من اللازم أن يكون أي قانون عادل يحقق مصلحة عامة، فهو من الشرعية ووسمه بالقوانين الوضعية يحقق مصالح الناس لمطابقته لمقاصد الشريعة ومبادئ الإسلام، لافتا إلى أن ما يعرفه العالم من تطورات وإكراهات غير محدودة يلزم الناس بضرورة استيعابها ضمن المنظومة الدينية حرصا منهم على الانخراط ضمن التحديث القانوني والمؤسساتي، والذي لا يمكن إلا بفكر مقاصدي يفتح سبل الإبداع والاجتهاد بقراءات متجددة وإعادة النظر في القوانين المرتبطة بواقع الناس ومعيشهم اليومي.

وقال الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة:”إذا ما تعددت اجتماعات العلماء يحتكم إلى ولي الأمر في الترجيح بين الاجتهادات في المستجدات والنوازل في القضايا، وهي القاعدة التي تجد مستندها في نصب الشرع جلبا للمصالح ودرءا للمفاسد بناء على القاعدة الشهيرة “تصرف الإمام في الأمة منوط بالمصلحة”، وهو قابل لتغير الأحوال والمصالح، منها على سبيل المثال: تقييد التعدد في الزواج ضمانا للإصلاح والعدل، وتحديد سن الزواج الحق في انتقال جنسية المرأة المغربية لأبنائها حتى يرتفع النزاع بين الناس”.

واعتبر وهبي أن القوانين المؤطرة للمجتمع مطالبة بأن تحقق وترى شروط وموانع تنزيلها على الواقع بما يطرح، وليس تجاوزا للأحكام الشرعية وإنما ضبط بين النص والواقع، وهو ما جاء في خطاب الملك”لا أحرم ما أحل الله ولا أحل ما حرم الله” مع الانفتاح على مقاصد الشريعة وعدم غلق الباب أمام التصرفات الولائية في التنزيل.

وأكد وهبي أنه لا يوجد مانع في الاجتهاد في المجال الديني الذي ليس حكرا على أي كان، مشيرا إلى أن هناك إشكالات تطرح نفسها، وتفرض التحلي بالجرأة والشجاعة لمقاربتها ومنح الرأي بحرية وتبادل الآراء، خاصة أن المغرب كان دائما سباقا للنقاشات السياسية الذي توقف أخيرا من دون معرفة سببه.

ولفت القيادي الحزبي إلى أن الحوار والنقاش يجدد الدين والتزمت والقمع واعتبار الآخر جاهلا يعد مفسدة مطلقة، مضيفا:”يجب أن نكون شجعانا في التعامل مع الدين حينما نصبح أمام فتنة علينا مقاربتها بمصلحة، وعلينا إعادة النظر في التعصيب وعدد من الأمور للمحافظة على الاستقرار”.

وقال وزير العدل:”إخراج الدين من هيمنة البعض هو ما يطرح مشكلا، أنا لا أسعى لمواجهة أي كان، أسعى فقط لمواجهة التخلف والتزمت، عليكم خلق موقف شخصي والتعبير عنه وألا تكونوا تابعين لموقف أي كان. نحن بحاجة لجيل يفكر وينتقد لبناء المستقبل، وفتح حوار ونقاش لأننا لو خلقنا الفتنة في المجتمع الإسلامي سيولي الدين ويذهب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى