الملك محمد السادس: الإصلاحات التشريعية عززت ثقة المستثمرين الأجانب في بلادنا

قال العاهل المغربي الملك محمد السادس، إن إقرار بلاده لمجموعة من النصوص القانونية الحديثة والمهيكلة، الهادفة إلى تطوير منظومة المال والأعمال، وتشجيع الاستثمار، ساهم في “تعزيز مكانة المغرب، كبلد يحظى بالثقة والمصداقية لدى المستثمرين الأجانب، ومختلف الفاعلين الاقتصاديين والماليين”.

وأضاف الملك محمد السادس في رسالة وجهها للمشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة، الذي افتتحت أشغاله اليوم الاثنين بمراكش، تحت شعار “العدالة والاستثمار.. التحديات والرهانات”، أنه في سياق هذه الإصلاحات التشريعية، وما أطلقته من دينامية فعالة، فإننا “نهيب بالحكومة إلى الإسراع بإقرار باقي النصوص القانونية ذات الصلة، وإعداد النصوص التنظيمية المتعلقة بالقوانين المصادق عليها”.

وأكد العاهل المغربي في الرسالة التي تلاها مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، على ضرورة وضع “رؤية استراتيجية في مجال تحسين مناخ الأعمال. رؤية قوامها توفير بيئة مناسبة للاستثمار، واعتماد منظومة قانونية حديثة ومتكاملة ومندمجة، تجعل من المقاولة رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية”.

وذكرت الرسالة بالتوجيهات الملكية “للإسراع بإخراج الميثاق الجديد للاستثمار، وإصلاح مراكزه الجهوية، وتمكينها من الصلاحيات اللازمة للقيام بدورها على أكمل وجه، ووضع حد للعراقيل التي تحول دون أدائها للدور المنوط بها. كما ألححنا في أكثر من مناسبة على ضرورة تبسيط مساطر الاستثمار، وتحيين برامج المواكبة الموجهة للمقاولات، وتسهيل ولوجها للتمويل، والرفع من إنتاجيتها، وتكوين وتأهيل مواردها البشرية”.

واعتبر الملك محمد السادس أن العدالة من “المفاتيح المهمة في مجال تحسين مناخ الاستثمار وتشجيع المبادرة الحرة وحماية المقاولة”، وشدد على أن القضاء “مدعو للقيام بدوره الأساس في مواكبة هذا المسار، واستيعاب تحديات الظرفية الاقتصادية العالمية، والمناخ الاقتصادي الوطني”.

كما سجلت الرسالة الملكية بأن توفير “المناخ المناسب للاستثمار، لا يقتضي فقط تحديث التشريعات المحفزة، بل يقتضي أيضا توفير الضمانات القانونية والاقتصادية، الكفيلة بتحقيق الثقة في النظام القضائي، وتوفير الأمن الكامل للمستثمرين”، مبرزا أهمية “توحيد آليات ومساطر تسوية منازعات الاستثمار، على الصعيد الوطني والجهوي والدولي”.

وزاد مبينا أن تجاوز إشكاليات الاختصاص القضائي الوطني في هذا المجال، تمر عبر “إقامة نظام قانوني ملائم، يتوخى تفادي المشاكل والحد من المنازعات، وكذلك إنشاء هيئات متخصصة في فض هذا النوع من النزاعات، داخل الآجال المعقولة، وتراعي خصوصيات المنازعات المالية والتجارية، وتتسم بالسرعة والفعالية والمرونة”.

وأفادت الرسالة الملكية بأن الجهود المبذولة بالمغرب، مكنت من “تنامي وتيرة الاستثمارات التي تستقطبها المملكة، وتحسن موقعها ضمن مـؤشر مناخ الأعمال (Doing Business) لسنة 2019″، وأوضحت أن العاهل المغربي يتطلع للارتقاء ببلاده إلى مراحل “أكثر تقدما في مؤشر مناخ الأعمال، وتحسين موقعها بولوج دائرة الدول الخمسين الأوائل في مجال جودة مناخ الأعمال”.

وأشار العاهل المغربي إلى مرور ربع قرن على إحداث المحاكم التجارية في بلاده، وهي مناسبة اعتبرها “سانحة لتقييم هذه التجربة، والنظر في سبل تطويرها، بالعمل على تعزيز المكتسبات، واستشراف آفاق جديدة تستلهم أنجح التجارب عبر العالم، على غرار فكرة محاكم الأعمال، التي بدأت تتبناها بعض الدول”، ودعا إلى إيلاء “عناية خاصة للتكوين المتخصص لمختلف مكونات منظومة العدالة، عملا على رفع قدرات المحاكم في إصدار الأحكام العادلة والملائمة، داخل آجال معقولة”.

وأكدت الرسالة الملكية على أهمية دور المحاكم العليا في “توحيد الاجتهاد وتفسير القاعدة القانونية، وهي مناسبة لتثمين الرصيد المهم الذي راكمه القضاء التجاري بالمغرب في هذا المجال، كقضاء متخصص”.

وفي السياق ذاته، دعا الملك محمد السادس إلى “استثمار ما توفره الوسائل التكنولوجية الحديثة من إمكانيات لنشر المعلومة القانونية والقضائية، وتبني خيار تعزيز وتعميم لامادية الإجراءات والمساطر القانونية والقضائية، والتقاضي عن بعد، باعتبارها وسائل فعالة تسهم في تحقيق السرعة والنجاعة، وذلك انسجاما مع متطلبات منازعات المال والأعمال، مع الحرص على تقعيدها قانونيا، وانخراط كل مكونات منظومة العدالة في ورش التحول الرقمي”.

وأوضح العاهل المغربي بأن خلق فضاء آمن للاستثمار بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والإدارية والهيكلية، “يفرض علينا جميعا اليوم، بذل المزيد من الجهود في اتجاه ترسيخ دولة القانون، وتعزيز استقلال السلطة القضائية، ودعم التنبؤ القانوني، وتأهيل الفاعلين في المجال القضائي، وتطوير الإدارة القضائية، وتعزيز حكامتها، من خلال مقاربة شمولية مندمجة، تتعامل مع قضايا الاستثمار في مختلف جوانبها، المرتبطة بالقوانين التجارية والبنكية، والضريبية والجمركية، والعقارية والتوثيقية والاجتماعية، وتستحضر الأبعاد الدولية والتكنولوجية التي تفرضها عولمة التبادل التجاري والمالي والاقتصادي عبر القارات”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى